رباب وطني تكتب: إدمان الحب

رباب وطني

استشارى الصحة النفسية والإرشاد الأسرى

الحب عاطفة جميلة والوقوع فى الحب هى تجربة عاطفية يستحق كل شخص أن يمر بها. فوجود شخص تحبه ويحبك هو شىء يسعى إليه الجميع تقريبا.
ولكن هل يمكن أن يتحول الحب إلى إدمان؟
الوقوع فى الحب يمكن أن يظهر بصورة غير صحية بمعنى أن يجعل الناس يتصرفون بطرق غريبة وغير عقلانية على حساب أنفسهم والأشخاص اللذين يحبونهم .
يمكن أن يتحول الحب إلى قوه قهرية تذل صاحبها وتلغى إرادته مثل ملاحقة الشريك طوال الوقت  ، كما يمكن أن يتسبب فى الشعور بخيبة الأمل الشديدة أو حسرة القلب، أيضاً يمكن أن يؤدى إلى سوء الأداء الوظيفي وضعف التركيز فى المهام اليومية والإصابة بالقلق والاكتئاب.
فالحب فى هذه الصورة هو إدمان وليس حبا.

وغالبا ما يظهر إدمان الحب من خلال الأعراض التالية:
– الشعور بالضياع عندما يكون الشريك غير موجود.
– الشعور بالإعتماد المفرط على الشريك.
– إعطاء الاوليه لعلاقتك بالشريك وتفضيله على اى علاقة أخرى فى حياتك ، وأحياناً تصل إلى الإهمال التام للعلاقات الشخصية التى تربطك بالعائلة والأصدقاء.
– تصبح مكتئبا ومهوسا باهتمام الحب عندما لا يتم الرد بالمثل من الشريك على مشاعرك الرومانسية الفياضة.
– الإستمرار فى علاقتك الرومانسية مع الشريك حتى ولو رأيت أنه غير مناسب لك او كان يتصرف تصرفات مؤذية لك .
– الشعور باليأس عندما لا يكون لديك شريك رومانسى أو عندما لا تكون فى علاقة عاطفية.
– تجد صعوبة فى ترك علاقات غير صحية أو سامة.
– اتخاذ قرارات سيئة بسبب عواطفك تجاه شريكك على سبيل المثال: ترك وظيفتك أو قطع العلاقات مع عائلتك.
– التفكير بقلق شديد فى حياتك أو الإهتمام بالحب لدرجة أنه يعطل حياتك.

وهنا يتبادر إلى أذهاننا ما أسباب إدمان الحب؟
تشير بعض الأبحاث إلى عوامل مختلفة قد تؤدى إلى إدمان الحب. مثل التعرض لصدمة أو بعض العوامل الوراثية التى تؤدى إلى تطور إدمان الحب.
كما أظهرت الأبحاث أيضاً وجود صلة بين الشعور بالبهجة الذى يشعر به الفرد عندما يكون فى حالة حب مع مشاعر السعادة التى قد يشعر بها الشخص المدمن على المواد المخدرة مثل الكوكايين والكحول.
كما وجد أن هناك تشابه بين سلوك الشخص الواقع فى إدمان الحب والشخص المدمن على مادة ما.
فالأفراد فى كلا المجموعتين يعانون من التبعية العاطفية والرغبة الشديدة وتقلب المزاج والإكراه والوساوس وعدم القدرة على ضبط النفس.
عندما تكون فى حالة حب يطلق دماغك رسائل كيميائية تجعلك تشعر بالرضا مثل إطلاق هرمون الدوبامين، وهذه هى الأنماط نفسها التى تحدث مع تعاطى المخدرات.
كما أن هناك مسببات شائعة أخرى لإدمان الحب وهى:
– التعرض لعلاقات تخلى وفقد فى الماضى.
– تدنى احترام الذات.
– التعرض للتحرش أو الاعتداء الجنسى فى الماضى.
– المعاناه من علاقات مؤلمة سابقة.
– العيش فى صدمة الطفولة.

والآن دعونا نتعرف على كيفية علاج إدمان الحب:
قد يكون علاج إدمان الحب أمرا صعباً للغاية. وهذا لأنها ليست حالة صحة عقلية معترف بها عالميا.
وعادة ما يتم تشخيصها وعلاجها وفقاً لتقدير طبيبك أو مرشدك النفسى.

ومن أكثر الأمور صعوبة فى التعايش مع إدمان الحب هو أن تعترف بأن لديك مشكلة، حيث أن الكثير من المدمنين على الحب لا يستطيعون تحديد سبب إشكالية مشاعر الهوس تجاه شركائهم.

لذلك إذا ظهرت عليك أعراض إدمان الحب فيجب عليك التحدث إلى اختصاصى الصحة النفسية فى أسرع وقت ممكن، فمن خلال العلاج يمكنك البدء فى اكتشاف طرق أكثر صحية للتعبير عن الحب.
وإذا كنت تعانى من إدمان الحب فإليك بعض النصائح لمساعدتك فى التعامل مع حالتك أثناء طلب المساعدة وهى :
– تعلم أن تكون وحيداً …إذا لم تكن على علاقة عاطفية فى وقت تشخيصك ، فيجب أن تغتنم الفرصة لقضاء بعض الوقت بمفردك. استكشف اسباب ومحفزات إدمانك وحقق التقدم فى علاجك.
– ابحث عن الأنماط المتكررة….. فعاده ما يكرر مدمن الحب نفس  نمط السلوك مع أى اهتمام بالحب. ألقى نظرة على العلاقات الرومانسية التى كنت فيها وحدد اى أنماط السلوك لديك متكررة.
– استثمر فى نفسك….. إن قضاء بعض الوقت فى الإستثمار فى نمو نفسك هو طريقة رائعة لتقع فى حب نفسك. لأن مع إدمان الحب غالبا ما يهمل الأشخاص المصابون بهذه الحالة أنفسهم واحتياجاتهم الخاصة .
– الإعتماد على الأصدقاء والعائلة ….. يمكن أن تساعد مشاركة معاناتك مع إدمان الحب مع الأشخاص اللذين يحبونك ويهتمون بك.
– إنضم لمجموعة دعم…… من أكثر الحقائق المريحة للعيش مع أى حالة هى معرفة أنك لست وحدك وأن هناك أشخاصاً يشاركونك معاناتك . كما يتيح لك التحدث إلى الأشخاص اللذين تغلبوا على هذه الحالة لتتعلم منهم.

وأخيراً أوجه كلمة لك عزيزى من يعانى من إدمان الحب …. إذا كنت تعانى من إدمان الحب فاعلم أنك لست وحدك، هناك العديد من الاشخاص الآخرين الذين يعانون أو تعاملوا مع هذه الأنواع من التحديات العاطفية.
والخبر السار أنه يمكنك من خلال معالجك النفسى أن تتعلم كيفية تكوين علاقات صحية مع نفسك والآخرين.