“حريق سنترال رمسيس والدروس المستفادة ”
بقلم محمد حنفي الطهطاوي
مرت أيام على حريق سنترال رمسيس المروع ،وتكبدت مصر خسائر بالغة على كافة المستويات ،وفرض عليها تحديات مستقبلية خطيرة،ودروس وتجارب يجب الاستفادة منها لعدم تكرار الكارثة مجددا ،والبطل الحقيقي للمشهد المأساوى هم رجال قوات الحماية المدنية وسيارات الإطفاء والاسعاف .
وللأسف الشديد الهجوم على مصر كان متطرف لاقصي درجة ،قابلة رد فعل دفاعى تافه وسطحي غير مسبوق ،كشف من جديد أزمة الدولة العميقة مع الإعلام .
الأمر الذى فتح المجال على مصراعيه أمام شطحات السوشيال ميديا والترند فكانت النتائج كارثية وتاهت الحقيقة وسط ظلام الترندات وأصحاب الاجندات .
ولنكن صادقين مع أنفسنا فالحقيقة واضحة جدا للجميع دون مبالغة أو مجاملة ،فحريق سنترال رمسيس جدد التأكيد على عدم وجود خطط ورؤى حقيقية للحكومة المصرية ،رغم كل البيانات الحكومية البراقة وكم الأموال الضخم المخصصة للتطوير ،وهذا ليست مفاجأة ابدا ولكن أزمة الحريق فضحت الأمر على الملأ، فقد حان وقت الاستيقاظ من الغيبوبة ! .
وفى المقابل أيضا لم تسقط مصر تماما، حتى لا يكون النقد هداما سيرا وراء أصحاب الاجندات ، رغم خروج غالبية الخدمات الرقمية عن الخدمة فى مختلف أنحاء الجمهورية ،الأمر الذى كبد الدولة خسائر فادحة فى كافة المجالات،ولكنها بدأت تعود تدريجيا وتباعا بعد اخماد الحريق .
وطالما كان البرلمان غير معبر عن الشعب المصري، والإعلام تم تهميشه بهذا الشكل غير المسبوق ،فالحكومة مطمئنة ولا يقلقا أى شئ ، والدولة هى الخاسرة والشعب هو من يدفع الثمن فى النهاية .
لا يمكن ابدا أن نقول أن الصورة سوداء تماما، ولكن وجب علينا بحكم الضمير الوطني والمسؤولية المهنية ،دق ناقوس الخطر والتنبيه على أصحاب القرار .
ولابد من التعلم من تجربة حريق سنترال رمسيس المريرة ،وعدم تكرار الأخطاء الكارثية والعشوائية فى الإدارة واسناد المهام لاصحاب الكفاءة وليس لأهل الثقة .
والأهم هو فتح الطريق لإعلام وبرلمان قوى يراقب الحكومة رقابة حقيقية ويكون صوت الشعب وحلقة الوصل مع السلطة، من أجل محاربة الفساد والتصدى له بكل حسم وقوة، من أجل المصالح العليا للوطن وابناؤه المخلصين .
ورب ضارة نافعة ونحن نظل داعمين للدولة المصرية، خاصة فى ظل مواجهتها تحديات كبيرة وغير مسبوقة فى التاريخ تهدد وجودها ومصالحها العليا، ولكن لابد من الاستفادة من الأخطاء التى وقعنا فيها وكشفها الحريق المدمر .
فضلت خلال مقالي فى السبنسة عدم الدخول فى تفاصيل أسباب الحريق ونتائجه وتداعياته ،فهناك أقلام وخبرات تكلموا فيه باستفاضة ،وكان هدفى هو الحديث بصورة أعم وأشمل لتنوير الطريق أمام صاحب القرار ،فى تحقيق مصالح الوطن العليا .
وفى الختام أتقدم بخالص التعازي لأسر ضحايا حريق سنترال رمسيس،داعيا للمنوفين بالرحمة والمغفرة ،مع تمنياتي بالشفاء العاجل لكل المصابين .
وكل التحية مرة أخرى للأبطال رجال الدفاع المدني وسيارات الإسعاف والإطفاء، على مجهوداتهم غبر العادية فى اخماد الحريق المدمر .
وفى الختام سلام
mohamedhanfy23@gmail.com