أكثر من 2500 صهيوني اقتحموا ساحات “الأقصى” خلال يونيو الماضي

كتب- محمد الغريب

أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف تقريره الشهري حول الاقتحامات الصهيونية التي تتعرَّض لها ساحات المسجد الأقصى المبارك. ووفق التقرير فإن 2,502 صهيونيًّا اقتحموا ساحات «الأقصى» خلال شهر يونيو الماضي، تحت حراسة أمنية مشددة من قِبَل شرطة الاحتلال.

هذا وشهد الشهر الماضي انتهاكات جسيمة لقدسية المسجد الأقصى المبارك، تمثلت في الاقتحامات الموسعة، وأداء المستوطنين لطقوسهم التي تتنافي وقدسية المسجد، مشددًا على أن منظمات الهيكل “المزعوم” والمدارس الصهيونية المتطرفة، التي زرعها الاحتلال –كنبت خبيث – في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لها الدور الأبرز في التحريض على مزيد من الاقتحامات؛ حيث كان على رأس المقتحمين عدد كبير من قادة ورؤساء هذه المنظمات والمدارس، أبرزهم الحاخامات يهودا جليك، يسرائيل أرئيل، وأليعازر شنكولفسكي.

ولعل أخطر ما رصده التقرير الشهري للمرصد، مطالبة عضو الكنيست الصهيوني المتطرف “إيتمار بن جفير”، سلطات الاحتلال بفرض السيادة الصهيونية على المسجد الأقصى، مؤكدًا أن مطالبهم هي فرض السيادة الصهيونية على الأقصى المبارك، ورفع علم الكيان الصهيوني داخل ساحاته، وإبعاد سلطات الأوقاف الإسلامية، مشددًا على أنهم لن يتخلوا عن المكان الذي يعدونه –وفق رؤيتهم الباطلة – المكان الأقدس للشعب اليهودي.

كما سلّط تقرير مرصد الأزهر الضوء على نشاطات منظمات الهيكل الصهيوني المزعوم في الفترة الأخيرة، والانتشار الواسع على منصات التواصل؛ عبر إنشاء العشرات من الصفحات التي تحمل اسم الهيكل “المزعوم”، في محاولة لنشر الرواية الصهيونية المزيفة حول المسجد الأقصى وأحقية اليهود في إقامة الهيكل “المزعوم” على أنقاضه، في الوقت الذي تمارس فيه منصات وشركات التواصل تحيزًا واضحًا لصالح الرواية الصهيونية والتضييق الشديد على المحتوى الرقمي الفلسطيني.

ومن أبرز النشاطات الأخيرة كان تنظيم العديد من الدورات التي تشمل محاضرات متعددة تزرع في عقول المستوطنين المتطرفين أحقية “مزيفة” ببناء الهيكل “المزعوم” على أنقاض المسجد الأقصى، وكيفية تنفيذ الاقتحامات اليومية لباحات الأقصى، وضمان التواجد الصهيوني بداخلها. وحاضر من خلالها عدد من الحاخامات والشخصيات الصهيونية المعروفة بتطرفها تجاه المسجد الأقصى المبارك، أبرزهم “مردخاي قيدر”، و”يهودا عتسيون”، وعضو الكنيست السابق “يهودا جاليك”. وهي الأنشطة التي يُحذر مرصد الأزهر من خطورة تداعياتها في المستقبل القريب على الوضع داخل الأقصى المبارك ومدينة القدس المحتلة ككل، خاصة وأن سلطت الاحتلال تحاول صبغ الاقتحامات بصبغة المطالبة الشعبية من قبل منظمات الهيكل المستوطنين، ويتجلى ذلك في دعوات الحشد والمُطالبة الواسعة التي تسبق أي اقتحام لساحات الأقصى المبارك.

وفي تطور خطير، عُقدت إحدى هذه الدورات داخل باحات الأقصى المبارك، يوم الـ 29/ 6/ 2021م، على مدار ساعتين كاملتين، قدمها الصحفي المتطرف، “أرنون سيجال”، وشارك فيها 35 مستوطنًا، تم توزيع شهادات عليهم في نهايتها.

كما كشف تقرير مرصد الأزهر عن النشاط التهويدي داخل الأقصى المبارك، الذي تنتهجه سلطات الاحتلال والجماعات المتطرفة في خطوط متوازية، ولعل ما قامت به منظمة “نساء لأجل الهيكل”، حين وضعت لافتة عند مدخل باب المغاربة، كُتب عليها “باب هليل”؛ في محاولة لتغيير اسم الباب، دليل يكشف عن نية الاحتلال الصهيوني في تهويد ما تطاله أيديه داخل باحات الأقصى المبارك ومدينة القدس المحتلة.

وعند الحديث عن مدينة القدس بشكل عام، لم يغفل التقرير عن إدانة مسيرة الإعلام الصهيونية، التي شارك فيها عشرات المستوطنين في الـ15 من يونيو، وجابت طرقات البلدة القديمة، تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال، التي حولت البلدة القديمة إلى ثكنة عسكرية. ورغم كونها لم تستمر أكثر من ساعة، بسبب الفعاليات الفلسطينية التي حاولت منع المسيرة الاستفزازية، إلا أنها شهدت تطاولًا من قبل المستوطنين على الإسلام وعلى النبي صلى الله عليه وسلم، في حين شارك الفلسطينيون في مظاهرات حاشدة عقب صلاة الجمعة، 18 يونيو، داخل ساحات الأقصى، نصرة للنبي وردًا على اعتداءات المستوطنين، ما قوبل بقمع من قبل قوات الاحتلال، أدى إلى إصابة 9 فلسطينيين بجراحٍ مختلفة. 

وعلى الصعيد الديموغرافي، يواجه عدد من الأحياء المقدسية المحيطة بالأقصى خطر الهدم والإخلاء والتهجير القسري، لصالح الجمعيات الاستيطانية، وهو الخطر الذي يهدد بعزل المسجد الأقصى المبارك عن محيط المدينة المقدسة، وزرع المستوطنين المتطرفين بالقرب منه، ما يُهدد بتغيير الواقع الحالي داخل الأقصى، وتغيير الواقع الديموغرافي، وفرض التقسيم الزماني والمكاني لصالح الصهاينة.

وفي ختام التقرير، شدد المرصد على أن السبيل الأمثل التصدي لهذا الفكر الصهيوني ومحاولات التهويد الزماني والمكاني التي يتعرض لها المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة، يكون بالاستمرار في التوعية بأبعاد القضية الفلسطينية، وهو الدرب الذي يسلكه مرصد الأزهر الشريف –كأحد هيئات مؤسسة الأزهر العريقة – سواء عبر تنوع المنتج وأسلوبه أو عبر اتّباع الوسائل الرقمية الحديثة، واستثمار منصات التواصل الاجتماعي لتكون منارةً لنشر تفكيرٍ عربيٍ وإسلاميٍ جديدٍ يتمحور حول عروبة القدس، وحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتبعيتها لأصحابها.

وأشاد مرصد الأزهر بنضال وصمود أبناء الشعب الفلسطيني ودفاعهم عن الأقصى المبارك، مشيرًا إلى هذا الانتصار الكبير للنضال ما كان ليتحقق لولا ما قدمه الفلسطينيون من عرق ودم وجهاد انتصارًا لمقدساتهم ولأراضيهم المحتلة، وثأرًا لكرامتهم ودفاعًا عن حريتهم وحقوقهم المغتصبة. مشيرًا إلى أن الانتصار أفشل مخطط منظمات الهيكل “المزعوم” وجماعاته المتطرفة في تكريس الهيمنة الصهيونية على الأقصى المبارك، وخاصة حيث تتقاطع المناسبات الإسلامية مع المناسبات الصهيونية.