بعد شهر على معركة طوفان الأقصى

 

بقلم اسماعيل جمعه الريماوي ..كاتب وباحث فلسطيني

مع مرور شهر كامل على معركة “طوفان الأقصى” بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي وبداية التوغل البري منذ اسبوع تقريبا و في ظل الخسائر العسكرية الكبيرة التي منيت بها اسرائيل دولة الاحتلال ، تحاول إسرائيل هذه ترميم صورتها واستعادة هيبتها التي كسرت أمام مقاتلي غزة ، في حين لا زالت تفشل على كسر المقاومة أو تحقيق أي من الأهداف التي رسمتها منذ بداية عدوانها على الشعب الفلسطيني .

ومنذ ذلك الحين عمدت دولة الكيان الى استهداف المدنيين الحاضنة الشعبية للمقاومة بارتكاب المجازر بحق الأطفال والنساء في قطاع غزة و بتدمير ما يمكن تدميره بالغارات الجوية على منازل الأمنيين ، واستهداف المدارس و المساجد و الكنائس و المستشفيات و اماكن الايواء للنازحين ، يأتي كل هذا في محاولة لترميم صورة الجيش الإسرائيلي التي كسرت أمام المقاومة في السابع من أكتوبر ، والذي يسعى ولازال إلى تحقيق أي إنجاز أو صورة نصر يقدمها لشعبه منذ شهر تقريبا وأمام صمود المقاومة و الشعب الفلسطيني بشكل عام .

وتأتي هذه المجازر في ظل محاولات إسرائيلية لفرض سياسية الأرض المحروقة، مما فاقم الأوضاع و ادى الى التصعيد المفتوح على كل الاحتمالات ، حيث توجد هنالك احتمالات لدخول جبهات جديدة ، وان القوى والشعوب لن تبقى صامتة، في ظل محاولة الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ نكبة جديدة للشعب الفلسطيني .

فإنه ورغم التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، الذي أدى بشكل واضح إلى ضرب مقومات الحياة هناك، لكن المقاومة بالمقابل تتعامل بردة فعل، وقد نشهد معركة ربما تستمر لأسابيع، إلا أنها معركة مصيرية، يتزامن مع ذلك دخول جبهات أخرى للمعركة، وهو ما يضع جيش الاحتلال أمام تحديات كبيرة وتساؤلات إن كان سيصمد أمام كل ذلك.

وفي ظل ذلك قد يكون الاحتلال أمام عدة سيناريوهات محتملة لمعركة “طوفان الأقصى، منها استمرار الهجمات المدعومة أميركيا ومن الغرب دون فتح جبهات أخرى تتحدث عنها المقاومة مع تدمير بنية المقاومة في غزة، وهو ما تطمح إليه إسرائيل وما يصعب تحقيقه.

واما بدخول جبهات جديدة خاصة جبهة الضفة الغربية وهو ما لا تريده إسرائيل، اذ انه أمر قد يعيدها إلى التفكير من جديد وهو السيناريو الثاني، بينما السيناريو الثالث وهو قد يثير الدول العربية وخاصة الأردن ومصر إن كانت هنالك عمليات تهجير جماعية، بأن تعيد إسرائيل حساباتها وهو خيار ضعيف، بينما الخيار الرابع هو استمرار تحريك المياه الراكدة على جبهة لبنان ما يدفع إسرائيل بأن تراجع حساباتها.

فإنه من الواضح أن إسرائيل تريد استثمار هذه الحرب بأكبر قدر من الضربات، لكن ذلك لا يعني أنها ستستمر طويلاً، خاصة إن فتحت جبهة الضفة الغربية أو لبنان ، وهو ما قد يضع السلطة الفلسطينية بدائرة فقدان السيطرة على المشهد.

أن تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بحق غزة، جزء كبير منه خطاب يأتي في سياق الحرب النفسية، ومحاولة إضعاف النفس المقاوم لدى الشعب الفلسطيني، وهي تسعى لمحاولة تنفيذ رؤيتها القديمة لتهجير الفلسطينيين ويصبح الوجود الفلسطيني أقلية، وكذلك تحاول تصفية القضية الفلسطينية، حيث كانت إسرائيل تدير الصراع إلا أنها دأبت منذ فترة على إنهائه و حسمه من جانب واحد.
فيما يريد الاحتلال أن يثبت لجمهوره وناخبيه من خلال المعركة الذي يشنها على قطاع غزة أنه لا زال يملك القوة ، وهو ما يريد ترميم صورته فإسرائيل أصبحت عارية أمام حلفائها وأصدقائها، بعدما ظهرت أنها غير قادرة على إنجاز اي شيء إلا قتل الاطفال و النساء من المدنيين العزل .

لقد اعادت معركة “طوفان الأقصى” للقضية الفلسطينية هيبتها من جديد في كل العالم وشغلت كل وسائل الإعلام في كل دول العالم الذي أصبح يدرك ما يعانيه الشعب الفلسطيني من ويلات الاحتلال العنصري و حرب الإبادة و التطهير العرقي الذي يواجهه وأظهرت بذلك صورة هذا الاحتلال الدموي الذي يمارس محرقة بحق الشعب الفلسطيني ، حتى بدأنا نرى التغيير الذي يحصل في الرأي العام العالمي في الولايات المتحدة ودول الغربية الداعمة لإسرائيل عادة ،والذي كان يرى الأمور بعين واحدة ، حيث أصبح الجمهور يرى ويدرك حقيقة هذا الكيان الغاصب ، ولا شك بأن الأيام المعدودة القادمة ستشهد حلًا، يرفع من شأن القضية الفلسطينية، وستثبت المقاومة أن الأوراق الرابحة بيدها