شيماء مطر.. الصحفي كما ينبغي

بقلم – محمد الغريب

تعلمنا أن الصحافة رسالة ومهنة للمتاعب ولسان حال للمجتمع وكشف لفساد مسؤول أو جماعة أو نظام مهما علا أو بلغ شأنه فإنه أضعف من أن يقف في وجه تلك الكلمة الكاشفة والفاضحة لسياسات ما أو ممارسات تبعد عن أخلاقيات المنصب والعرف والدين، وبالنظر إلى ما طالعته في قضية منع وفد من الإعلاميين المصريين في مقدمتهم الزميلة شيماء مطر، ما يشعر بالفخر أن هناك نماذج لازالت تسطر كل يومٍ ملحمة بأن تلك المهنة والرسالة لم ولن تمت بعد، وأن هناك من يؤمنون بأن المهنة مخاطرة لأجل الإنسانية أولاً.

فمنذ أيام مُنعت من أداء مهمة إنسانية في المقام الأول وبطولية في المقام الثاني، فهي الساعية لكشف وفضح وتوثيق ممارسات جماعة دأبت على الكذب والتدليس، فهم لا دين لهم ولا أخلاقيات سقطوا من تاريخ مصر المحروسة وتحررت من براثنهم عديد من البلدان العربية وسيكون لليمن نجاة عما قريب، وفي المقام الثاني فهي الجريئة والشجاعة في اتخاذ مثل هذا القرار الذي ربما فر من اتخاذه الكثير لما تشهده بلاد اليمن من اضطرابات تجعلها ساحة خارج التوقعات وبعيدة عن الهدوء والنجاة.

ورغم معرفتي غير المحدودة بالزميلة وما اعتادت على تقديمه من أعمال صحفية تفوقت بها على كثير من أقرانها في قنوات وصحف عالمية في توثيق شهادات ومعاناة شعوب عربية سواء في مصر أو سوريا من بطش الإخوان وفساد مخططهم وقد اعتادوا على توجيه الأذى بكل من سعى لأن يكون مرآة كاشفة وفاضحة لهم، إلا أنها لازالت تبرهن على أنه لا مستحيل في إتمام الرسالة مهما كانت شاقة ومهما كان الثمن ومهما كانت الظروف والإمكانات، ورغم أنها تعي أن المسألة ليست وردية، وأن زملاء لها لم يسلموا من الأذى المادي والمعنوي، فاختارت أن تبحث عن طرق أوسع من حدود الوطن الأصغر وهي من كان لها دور بارز في توثيق جرائم ما بين العريش والقاهرة، لتتسع دائرة البحث إلى بلدان شقيقة دون أن تعبأ بأي خطر قد يداهمها.

البحث عن الحقيقة هي رسالة خاصة يحملها الصحفي في مكانة مرموقة تعلو وتسمو على الروح، لذا فلست بمستغرب أن تقف جماعة الإخوان اليمنية في وجه الزميلة ومن معها، أن تنتفض لقمع القلم الذي يواجه الرصاص والقنابل، آملاً في أن تكون لهذه الشهادات الحية صداها في تحرير الأوطان من المجرمين والفسدة.

اتذكر رسالتي لها في تحقيق حول شهادات العائلات السورية العالقة على الحدود، وما تلاه من توثيق لممارسات حزب الله اللبناني في سوريا من خلال معايشتها أهالى القصير ورحلة التهجير القسري، واعتداءات النهضة، وحتى اندفاعها الدائم في دعم القضايا الفلسطينية ما يجعل القلق عليها أوجب، والدعم والمؤازرة لها أعظم.

وفي ختام حديثي إليكِ يكفي فخراً أن رحلتك إلى اليمن والتي ربما تشعرين بضيق من عدم إتمامها لما صاحبها من ظروف وملابسات فضحت من كانوا متسترين ولم يملكوا الشجاعة ليقفوا في وجهك، يكفيكِ أنكِ أجبرتي الجميع على احترامك والدولة اليمنية على الاعتذار منك لتسد الباب على الجميع في التكهن بأسباب وملابسات الرحلة.