ما هو المطلوب فلسطينيا بعد الحرب على غزة ؟؟؟

 

 

بقلم اسماعيل جمعه الريماوي كاتب وباحث فلسطيني

في ظل الحرب الوجودية التي يواجهها شعبنا الفلسطيني و حرب الإبادة الجماعية من قتل وتهجير و التي ترتكبها دولة الكيان الإسرائيلي ضد شعبنا وفي ظل انكفاء مشروع التسوية و سقوطه المدوي وعدم الاستمرار في المراهنة على هذا المشروع وعلى الوسيط الأمريكي الشريك الكامل لإسرائيل في قتل و تدمير الشعب الفلسطيني وأن لا نبقى نراهن على الوهم التي تبيعه الإدارة الأمريكية بمشروع حل الدولتين و الحديث عن السلام مع دولة الكيان .

بات ضروريا علينا فلسطينيا مواجهة الحاجة الملحّة لترتيب أوضاع البيت الداخلي الفلسطيني، بصورة حقيقية وواقعية لقد عانت القضية الوطنية الفلسطينية على مدى الستة عشر عاماً الماضية من انقسام أنهكها، ولم يؤد إلى تقدم مسعى تحقيق هدف المشروع الوطني الفلسطيني قيد أنملة .ط.

ويجب علينا الاعتراف بالأخطاء التي ارتُكبت، وعدم الاستمرار بإلقائها من طرف على طرف، ومتابعة التراشق بالاتهامات، فهذا غير ناجع أو مفيد، ومع أنه لا يجوز التقليل من مسألة الاستحواذ على شرعية التمثيل الفلسطيني التي يتم الصراع عليها داخلياً مهمة، بل قد تكون في غاية الأهمية، إلا أن استمرار هذا الصراع عليها يُضعف القدرة الفلسطينية الإجمالية أمام الآخرين.

 إن استمرار الانشغال بالذات ، يحيّد البوصلة الفلسطينية عن قدرتها على التوجيه الصحيح ، لقد آن الاوان لهذا الانقسام أن ينتهي من أجل توجيه الجهد الفلسطيني الجمعي نحو تحقيق الهدف الوطني العام ، وان يكون البرنامج الوطني العام محل إجماع الجميع ليكون موحدا للكل الفلسطيني في برنامج يجمع عليه الشعب الفلسطيني بكل أطيافه و مكوناته ، وانه لا يجوز في ظل هذه المرحلة و الظروف القاسية التي يواجهها شعبنا الوقوع مجددا في الخطأ وتكراره ، إن إنهاء الانقسام ضرورة تحتمها الأحداث الجارية ، وإن تم تجاوز هذه الضرورة الآن، فسنخسر تحقيق أي هدف سياسي ذي مغزى من هذه الحرب، ما يعني أننا سنستمر في المماحكات الذاتية غير المفيدة أو المجدية، ونكتفي فقط بتضميد الجراح.

حيث تكمن أهمية إنهاء الانقسام وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي لاستباق إمكانية فرض ما سمّاه بلينكن «مرحلة انتقالية» لإدارة القطاع ، ومع أن الأمل معقود أن تكون نتيجة الحرب مختلفة عمّا تريده إسرائيل وأميركا، إلا أن أخذ الاحتمالات الأخرى بالاعتبار مهم لتحديد أفضل السبل لمواجهة فلسطينية ناجعة، في هذا الشأن، يجب علينا فلسطينياً رفض «المرحلة الانتقالية» بشكل واضح وكامل وثابت، لثلاثة أسباب. الأول، أن ذلك سيؤدي إلى إيجاد احتمالية حقيقية لفصل مستقبل القطاع عن الضفة، ما يمكن أن يشكل الأساس لتقويض المسعى الوطني الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية الشاملة، ويؤدي إلى ابتلاع القدس والضفة من قِبل الاحتلال.

 والثاني، أن القبول بترتيبات تلك المرحلة سيجعل من السلطة الفلسطينية مجرد طرف مشارك مع أطراف أخرى في الترتيبات، وليس الطرف الوحيد صاحب المسؤولية الحصرية عن الأرض الفلسطينية المحتلة ، وهذا أمر إن قُبل فلسطينياً، فمن الأرجح أن يفتح احتمالات مستقبلية سلبية على مسألة التمثيل الفلسطيني.

 وثالثاً، لأن لدينا فلسطينياً تجربة سيئة مع «المرحلة الانتقالية» فقد تمت تجربتها، وتحولت إلى «مرحلة نهائية»، مرّ على بدايتها حتى الآن ثلاثة عقود، مع أنها كان من المفترض أن تنتهي بخمسة أعوام وأن بالتعلم من الماضي، يجب عدم القبول مجدداً بالذهاب إلى مفاوضات في مسار مفتوح المدة الزمنية دون ضمانة حقيقية وملزمة لذلك يجب الاتفاق على النتيجة مسبقاً، وهي إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، وتحصيل إعلان دولي بضمان ذلك ضمن سقف زمني محدد، وباختصار، المفروض من الآن فصاعداً التركيز على الاعتراف بالمبدأ، ثم البحث في التفاصيل.

كلما يتطلب تفعيل النظام السياسي الفلسطيني، وتخليصه من رتابة الروتينية المتكلسة، والتي أصبح معها غير قادرٍ على مواجهة التحديات الجسام ، إن ضخ الديناميكية في هذا النظام تتطلب، بالإضافة إلى إنهاء الانقسام، الانتقال والعودة من الاعتماد على القدرات والمبادرات الفردية، إلى تفعيل البنى المؤسسية المختلفة لهذا النظام، والاستفادة من توظيف كافة إمكانيات الشعب الفلسطيني ، بصرف النظر عن توجهاته وأماكن تواجده، وبما يضمن إجراء انتخابات عامة بأقرب وقت ممكن ، حيث يوجد فرصة حقيقية، أوجدها عمق المعاناة الفلسطينية الجسيمة جرّاء هذه الحرب المجنونة، لرأب الصدع الفلسطيني، ولم الشمل وشحذ الهمم وإعادة الإعمار لكل ما دمره الاحتلال والاهم من الكل إعادة بناء المواطن والوطن، فالوطن أعلى وأسمى من الفصائلية، والحاجة الوطنية تستدعي الآن تكاتف وعمل الكل الفلسطيني .

فيجب علينا أن لا نبقى نعتمد على الآخرين لكي يقرروا ويرسموا حاضرنا و مستقبلنا على هواهم وحسب مصالحهم وان نكون نحن من نقرر هذا وان نستثمر كل هذه التضحيات و الدماء التي قدمها شعبنا لترسم لنا خارطة الطريق للحرية والاستقلال .

علّ وعسى، فنحن في هذه الأيام و أمامها ، نواجه هذه التحديات الجسام مجتمعين .