هل اليهود والعرب أبناء عمومة؟

 

بقلم وداد محمد.. باحثة في الاستشراق الإسرائيلي

يمكنك أن تُفكر تفكيرًا عميقًا في هذا السؤال، لتكتشف وحدك أن هناك خللاً ما في تركيب السؤال. مثلاً لنقيس على هذا سؤال آخر (هل المسلمون والإسرائيليون أبناء عمومة؟).

وللإجابة على هذا نقول: إن اليهود ليسوا أمةً أو قوميةً، وإنما هم أبناء ديانة واحدة فحسب، «أخلاط من كل الشعوب والقوميات والأمم والأجناس».

أما العرب فعرقٌ وليس ديانةً، فهل يمكن أن نطلق على كل العرب (مسلمون) !؟ العرب شيء والمسلمون شيء آخر. المسلمون أكثر عددًا بكثير من العرب، فهناك مسلمون في الصين والهند وإندونيسيا وإيران وتركيا وآسيا الوسطى، لكنهم ليسوا عربًا لا لغةً ولا قوميةً، فلم يدّعِ العرب أو يعتبروا كل المسلمين في الأرض عرباً، كما أن العرب ليسوا كلهم مسلمين؛ فهناك عرب مسيحيون ومن ديانات ومعتقدات أخرى، لا يقلون عروبة عن المسلمين العرب.

لا ننكر وجهة النظر التاريخية في عروبة بني إسرائيل ويهود التوراة الأوائل، حيث إنهم من قبائل مختلفة من الساميين الشماليين، وحيث إن اللغة العبرية تشتق من نفس الأصول التي تفرعت عنها العربية، وإن إسماعيل أبا العرب وإسحق أبا اليهود أخوان غير شقيقين، وكلاهما ابن لإبراهيم، ولكن كما قال أستاذنا الراحل جمال حمدان: «سرعان ما ذاب نسل أحدهما في دماء غريبة، حتى أصبحنا إزاء قوم غرباء لا علاقة لهم البتة بإسحق فضلاً عن إسماعيل».

لا يخفى على أحد أن الحركة الصهيونية سخّرت أبحاث الأنثروبولوجيا، ورتبت نتائجها مسبقاً؛ بحيث تخدم الدعوى الاستعمارية في فلسطين. ومن هنا يجب الإشارة إلى أن يهود اليوم ينقسمون إلى فرعين، الأول سامي شرقي كانوا يعيشون في الدول العربية والأندلس، والثاني آري أوروبي اعتنقوا الديانة اليهودية في عهد متأخر؛ حيث ظهرت في القرن التاسع الميلادي أعداد كبيرة من اليهود الآريين في جنوب روسيا وشرق أوروبا يتحدثون لغة تركية قديمة (يهود الخزر)، وفي هذا يقول لامبروزو: «إن اليهود المعاصرين أقرب إلى الجنس الآري منهم إلى أي جنس آخر، وإنهم طائفة دينية تميزت بمميزات اجتماعية واقتصادية. وانضم إليها عبر القرون أناس ينتمون إلى شتى الأجناس البشرية، وبينهم عدد من سكان الحبشة، ومن الألمان الآريين، ومن التاميل من الأقوام الهندية، ومن الخزر من الجنس المنغولي، الذين تحولوا كما يقول المؤرخ اليهودي ابن ميمون إلى اليهودية في القرن العاشر، ثم دفعتهم الهجرات البشرية إلى أوروبا الوسطى والغربية.»

ويذهب عالم الأنثروبولوجيا السويسري يوجين بيتار إلى ما هو أكثر حسماً من ذلك؛ إذ يقول: «إن اليهود جميعاً بعيدون عن الانتماء إلى عنصر يهودي.. فنحن لا نستطيع أن نعتبر اليهود الآن أعضاء في مجموعة بشرية متحدة العنصر، ولا حتى يهود فلسطين التي جلبت إليها الحركات الصهيونية إسرائيليين بدون أي انتقاء. فاليهود ينتمون إلى طائفة دينية انضمت إليها في جميع العصور أخلاط من أجناس متباينة ألصقوا أنفسهم بها، وأتى هؤلاء المتهودون من كل السلالات البشرية». ثم يضيف إلى ذلك قوله: «ومن المستحيل أن نتصور أن اليهود ذوي الشعر الأشقر أو الكستنائي، والعيون الصافية اللون، الذين نلقاهم كثيراً في أوروبا يمتون بصلة القرابة ــ قرابة الدم ــ إلى أولئك (الإسرائيليين) القدماء الذين كانوا يعيشون بجوار الأردن».

إذن فيهود اليهوم ليسوا أحفاد القبيلة التوراتية الأولى؛ وبالتالي تسقط أي دعاوى قرابة دم بين العرب واليهود.

ما يفعله اليهود هو «تحويل» دينهم إلى قومية؛ لكي يجعلوا لكيانهم الغاصب هُويةً مصطنعة؛ لطمس طبيعته الاستيطانية؛ باستجلاب غرباء لأرض سُلبت من أهلها.