حب الوطن من الإيمان.. مصر في قلوب أبنائها

 

الحمد لله الذي غرس حبّ الأوطان في النفوس، وجعل الانتماء إليها من تمام الإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي علَّم البشرية معاني الوفاء والإخلاص للوطن.

إن حب الوطن قيمة سامية وفطرة إنسانية أودعها الله في قلوب عباده، تتجلى في مشاعر الانتماء والوفاء، وتظهر في كلمات المخلصين وأفعال الصادقين.

وقد جسّد القرآن الكريم هذا المعنى في دعاء نبي الله إبراهيم عليه السلام حين قال:

﴿رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [البقرة: 126]، ليؤكد أن أمن الأوطان ورخاءها نعمة تستحق الدعاء والعمل معًا للحفاظ عليها.

وجاءت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لتزيد هذا المعنى وضوحًا؛ إذ خاطب مكة وهو يودعها قائلًا: «واللهِ إنكِ لخيرُ أرضِ الله، وأحبُّ أرضِ الله إليّ، ولولا أن أهلكِ أخرجوني منكِ ما خرجت»، فكان حديثه شهادة حب خالدة للأوطان، ودليلًا على عمق الانتماء الذي لا يزول من القلوب.

لقد شبّه القرآن الكريم فراق الوطن بفقد الحياة ذاتها، فقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ﴾ [النساء: 66]، لتأكيد أن الوطن عزيز على النفس كعزّة الروح نفسها.

ومن هنا ندرك أن الدفاع عن الوطن واجب شرعي ووطني، والوقوف صفًا واحدًا خلف قيادته الحكيمة ضرورة لحفظ الأمن والاستقرار، ودليل على صدق الانتماء.

فما أحوجنا اليوم إلى التمسك بالوحدة والاعتصام بحبل الله المتين، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].

إن مصر – أرض الحضارة والتاريخ – تستحق من أبنائها الإخلاص في القول والعمل، والوفاء بالتضحيات دفاعًا عن أمنها وكرامتها، واليقظة أمام المؤامرات والأكاذيب التي تستهدفها.

فهي الوطن الذي نحيا فيه ونفتديه، ونرفع رايته خفاقة عالية بين الأمم.

وفي الختام نسأل الله أن يحفظ مصرنا الغالية، رئيسًا وجيشًا وشرطةً وشعبًا، وأن يديم عليها نعمة الأمن والأمان، والرخاء والسخاء، وسائر بلاد المسلمين.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

بقلم : محمد عابد مدرس مساعد بجامعة الأزهر الشريف

اترك تعليقاً