انفرط العقد.. والحلم ممكن

محمد حسن العجل 

كاتب واديب

 

الإنشقاق داخل حزب “مصر أكتوبر” وماصاحبه من زخم شعبي، بقدر ماهو مؤلم لكل من انتمي لهذا الكيان إلا أنه أحدث حالة من الحراك السياسي، وخاصة بين جيل الشباب الطامح فى أن يكون لديه مشاركة حقيقية فى صنع القرار.

علينا أن نعترف أولا أن العمل الجماعي له ثوابته، وله آلياته والتى إن فقدها سيكون – دون أدني شك– مصيره الفشل.

ومن أهم هذه الثوابت هو الرؤية، وتحديد الأهداف، والتنظيم الجيد، وتوزيع الأدوار بدقة متناهية، والتكامل والتناغم فى المهام بين الأشخاص والمجموعات المختلفة فى السلم التنظيمى.
الملفت للنظر، وربما يبدو غريبا لدى الكثيرين أن الشباب داخل منظومة مصر أكتوبر، كانوا أكثر جرأة وشجاعة فى إعطاء دروس للكبار، متمثلة فى إنكار الذات، وتنفيذ الأدوار الموكلة إليهم بآداء مذهل، والعمل الدؤوب بدون مقابل، والتضحية بالوقت والسعى لتحقيق رؤية حزب سياسي يحمل مضمونا ساميا فى طيات اسمه.

وعلي العكس تماما إلتفت الكبار الي مزيج من الأفكار الهدامة كالهيمنة والسيطرة والخوف من المجهول وكلها معاني تصب وتدعم فكرة ” المؤامرة “، “والشك” والتي انتهت إلى هدم كيان كان فى طريقه لكى يكون شامخا من أجل الهيمنة والتسلط ، ولم يكن ذلك متوقعا ولاسيما أن الحزب تقوده قيادة نسائية مثقفة ولديها من الخبرات العملية التى تؤهلها لتحقيق النجاح.

الفرد أم الجماعة ؟..كان أولى أن نطرح هذا السؤال علي أنفسنا قبل أن نأخذ قرارا حاسما بفض الشراكة ، والإقدام دون تردد علي فرط عقد الجماعة الحزبية ومهما كانت الأسباب ” مادية، إدارية ، تنظيمية ” كان من الممكن أن تكون لغة الحوار الجاد والمكاشفة هى الطريق الأوحد والمنطقي للوصول إلي حلول، وإعادة صياغة للمنظومة التى يراها كل طرف قاصرة فى اتجاه الآخر، ووأد التخوفات فى مهدها ، وخاصة أننا لم نرسم منذ البداية خطوطا فاصلة وواضحة تمنع حدوث الشرخ التنظيمى فى أساس العمل الحزبى.

يظن العديد من الساسة، أن الرؤية السياسية فى العمل الحزبى تشكل وتصاغ فى طريق مستقيم منذ البداية حتى النهاية، ولايسمحون للفصيل الطليعى – وهم الشباب بلاشك – فى إعادة رسم المسار، أو تعديله ، أو تقويمه ، وحينها يحدث الخلاف ويشق الصف ، ظنا من الكبار أصحاب الخبرات بأنهم يمتلكون مفاتيح خزانة الأفكار، متناسين أن الشباب فى ظل عصر التكنولوجيا ووسائل الاتصال والتواصل الإجتماعي أصبح يمتلك الخبرات القادرة علي إحداث التغيير الحقيقي فى مجتمعنا.

كلنا يعلم الحالة التي أحدثتها الأزمة الإقتصادية فى العالم كله، وألقت بظلالها علي مجتمعنا ، والدعوة للحوار الوطني من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي والتى أعطت الضوء الأخضر لتوسيع دائرة المشاركة ،سواء للأحزاب السياسية ، أو المجتمع المدني، ممثلا فى الجمعيات الأهلية، والنقابات لكى يطرح الجميع رؤاه دون قيود.

وبدلا من أن نستثمر هذه الخطوة ، وننطلق للأمام ، حدثت الردة المباغته داخل حزب مصر أكتوبر ، ليتحول مشروع المائة حوار الي حالة “اللاحوار”!.

ولأن الشباب استوعب الدرس ، أصر علي أن يبحث لنفسه عن طريق آخر لمواصلة البحث عن حلمه، وتحقيق الهدف، بقيادة الدكتور محمد بدران، أول شاب مصرى أتيحت له فرصة القيادة الحقيقية لكيان حزبي وهو لم يتجاوز ٢٢عاما ” عضو لجنة الخمسين بدستور ٢٠١٤ ، رئيس اتحاد طلاب مصر ٢٠١٣، ومؤسس حزب مستقبل وطن” مدركا لطبيعة المرحلة التى نعيشها ، وإيمانا منه بضرورة الوصول إلي تمكين الشباب عمليا كمدخل حقيقي وحتمي للنهوض بمجتمعنا في كافة مناحي الحياة، وهو ماتم ترسيخه في الدستور المصرى عام ٢٠١٤.

ومن يتساءلون عن السعى وبسرعة لإيجاد مظلة حزبية جديدة الممارسة العمل السياسي، أستطيع أن أزعم أن عصر الأيدلوجيات قد ولي دون رجعة، فى ظل التشابك المعقد في المصالح علي مستوى العلاقات الدولية، وخاصة علي الجانب الإقتصادى، والشباب لديه من الديناميكية القادرة علي الألتفاف حول الغايات، فهى بمثابة أيدلوجية لاتسقط بالتقادم وخاصة مع وضوح الرؤية.. ليس لدينا من طريق سوى مواصلة دعمهم والالتفاف حولهم، بحب وإخلاص.. هذا إذا أردنا أن نحقق التنمية المستدامة لبلدنا بمفهومها الشامل.